لؤي حمزة عباس يضيء  السرد البصري والتحولات الفنية  في معرض البصرة للكتاب

لؤي حمزة عباس يضيء السرد البصري والتحولات الفنية في معرض البصرة للكتاب

  • 202
  • 2021/10/23 10:47:33 م
  • 0

بسام عبد الرزاق

تصوير: محمود رؤوف

ضمن فعاليات معرض البصرة الدولي للكتاب، اقيمت على قاعة الندوات، أمس السبت، ندوة حوارية حول "السرد البصري والتحولات الفنية" للقاص والروائي د.لؤي حمزة عباس، قدم خلالها ورقة بحثية موسعة حول السرد البصري وعلاقته المحورية بالسرد العراقي بشكل عام.

 

وقال د.لؤي حمزة عباس في معرض حديثه ان "السرد البصري عالم واسع نحاول ان نقترب منه لنضيء جانب التحولات الفنية، وان هذا الموضوع بسعته وشموله يمتد ليعبر على المجتمع والسياسة والتحولات الثقافية على امتداد قرن من الزمان، فلا يمكن ان نتعامل مع العمل الفني بظواهره وتقنياته على نحو مجتزأ، انما يتلازم ويتداخل ضمن تقنياته مع مجمل التجربة الانسانية وهو يسعى للتعبير عنها".

وذكر عباس انه "في البدء لابد من موقعة السرد البصري ما يعني الحديث عن الاطار الطبيعي والموضوعي الذي نشأ فيه هذا السرد، اي الحديث عن السرد العراقي بشكل عام"، مستعرضا "السرد العراقي والوقوف عند مرحلة الخمسينيات، شديدة الاهمية والضرورة، لكي ندخل للسرد البصري بتحولاته الفنية وجمالياته المتعددة".

وذكر انه "عند الحديث عن السرد العراقي، المسار والتحولات، لابد من ملاحظة التداخل بين التاريخي والجمالي، التاريخي بما فيه من قيمة حدث ومؤثر سياسي واجتماعي، والجمالي بما يعني من علاقات داخلية للنص الادبي".

واضاف ان "الجانب التاريخي، لارتباط هذا السرد بالتحولات والاحداث التي وجهت الحياة في العراق على امتداد اكثر من قرن من الزمان، حتى غدت القصة القصيرة بشكل خاص تعبيرا مباشرا عن الحياة، خصوصا في مرحلة كتابتها الاولى"، مشيرا الى ان "الجمالي، ويعني الارتباط الذي عاشه السرد العراقي منذ لحظة نشوئه مع السردين العربي والعالمي، فالسرد العراقي لم يكن منفصلا عن التيارات والاتجاهات وآليات الكتابة وتقنياتها في مجال الابداع الادبي والروائي على نحو ابتدائي واولي".

واوضح ان "هناك لحظة تاريخية فارقة في العام 1921 وهو عام الريادة السردية بامتياز، وفيه صدرت تجربة محمود احمد السيد المعنونة (في سبيل الزواج) وهي المحاولة الاقرب للرواية من اي تجربة سبقتها"، لافتا الى ان "العلاقة بين محمود احمد السيد رائد السرد العراقي الحديث وصديقه حسين الرحال المترجم والصحفي والناشط اليساري، وهو اول طالب ماركسي في العراق، تشير هذه العلاقة الوطيدة التي كانت من ثمارها رواية (جلال خالد السيد) التي صدرت عام 1928، وتشير العلاقة للصلة بين الجمالي والفكري هذه المرة وقادت الى تغذية المحمول الرسالي للسرد العراقي في مراحل التأسيس، وفي ضوء هذه العلاقات يمكن قراءة السرد قراءة واعية، ضمن هذه الثلاثية (الجمالي والتأريخي والفكري)".

وتابع، "ترسخت ريادة محمود احمد السيد مع مجموعته القصصية الاولى "النكبات" عام 1922 ثم صدور روايته مصير الضعفاء في العام نفسه، العملان اكدا لمحمود احمد السيد الريادة بامتياز، من خلال الاستمرارية والوعي الفني والاجتماعي الحاضر في السرد القصصي والروائي بشكله الاول".

وبين عباس ان "التسلسل والحضور واجتذاب السرد واعتباره ركنا من اركان الثقافة في وسط يهيمن ف يه الشعر على نحو مطلق على الثقافة العربية والعراقية، في هذه الفترة حيث نشأ السرد بوصفه معبرا عن حاجة الانسان وطبيعة تجربته الحياتية"، مشيرا الى انه "في الكتابة السردية اهم ما تجسد في عقد الخمسينيات العراقي هو القطيعة الواعية مع جيل الرواد الاول، يعني مغادرة اصول الكتابة الاولى والانتقال بها الى كتابة واعية مدركة لتقنياتها قادرة على الاحاطة بالتجربة الانسانية، وهذا دفع بالسرد الى الاقتراب من الواقعية الاشتراكية بشكل خاص".

وتابع انه "في هذه المرحلة لم تكن البصرة منقطعة عما يدور في العراق تاريخيا وثقافيا وكانت هذه المدينة جزءا اساسيا من المحرك النوعي للحدث العراقي".

ويرى عباس ان "القاص والروائي محمود عبد الوهاب كان جزءا حيا من الجيل الخمسيني وكانت الكتابة النوعية شغله الشاغل على امتداد سنوات"، لافتا الى ان "الجيل الستيني في البصرة لم يكن ضاجا في البصرة بل كان محتفيا بالكتابة اكثر من احتفائه بقنوات ايصالها، وهذا من خصائص المدينة التي كان لها منذ القدم الصوت الذاتي الخفيض والموضوع العالي البارز والمؤثر في التاريخ العربي والاسلامي".

وأشار عباس الى مجموعة من الكتّاب من بينهم الروائي محمد خضير "جوهرة السرد العراقي، منذ لحظة ظهوره في المشهد الثقافي بقصة "البطات البحرية" هذا يعني انه كان خيطا من نسيج في تاريخ البصرة الحديث، وصوتا فرديا من ضمن منشدي السرد البصري، ولكن سريعا ما بدأ هذا الخيط من الابداع يشع ويشكل نسيجا متفردا، عبر مراكمة الابداع، فلم يكن الابداع همه الآني او خاضع لظرف وعامل خارجي بل كان ايعازا من الذات ما ميزه عن مجايليه".

وتحدث عباس عن مراحل السرد في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي وامتداداتها، مشيرا الى انه "في الثمانينيات بدأت تتجلى صعوبات العقد الكارثي في حياة العراقيين، فلم يعد السرد يتحرك بقدرته واثرت حرب قادسية صدام فيه".

وذكر انه "في التسعينيات شهدنا ما يمكن ان نسميه بالخلاصة الاشكالية لكل ما تقدم، وكانت مرحلة اختبار كبرى للوجود العراقي من حيث تغول السلطة والحصار وتهديم كل انساق الثقافة وانشاء انساق جديدة للحفاظ على السلطة".

ويرى عباس ان "قصص البصرة اواخر القرن العشرين كانت هي الرد الفني على مأزق قصة الحرب التي اُنتجت طوال العقد الثمانيني، ومحاولة التعافي من الايديولوجيا القامعة".

أعلى